هروب أطفال من الوطن…لماذا؟
عبدالنبي مصلوحي
أقدمت مجموعة من العدائين القاصرين من المنتخب المغربي المدرسي للعدو الريفي ، وعددهم ثمانية، على الفرار في دولة سلوفاكيا، بعد انتهاء دوري مدرسي دولي للعدو الريفي أقيم بهذه الدولة الاوربية، ما بين 22 و 27 ابريل الأخير، ستة فروا في وقت سابق عقب انتهاء الدوري الذي شاركوا فيه، ضمنهم فتاة، و إثنان فرا لحظات قبل مغادرة فندق الإقامة. وهذه ليست هي المرة الأولى التي يفر فيها رياضيون مغاربة داخل بلدان أوربية عقب مشاركتهم في تظاهرات رياضية دولية، إلا أن الجديد في الموضوع، هو هؤلاء الأطفال، إذ كيف لتلميذ طفل يفكر في الهروب من بلاده، حيث توجد اسرته وأصدقاؤه، وحيث يمكنه اللعب وممارسة هواياته بكل حرية، وحيث لا يفكر في وسائل عيشه، من مأكل ومشرب ومبيت..ما الذي أنضج داخل عقولهم الصغيرة فكرة الهروب من الوطن؟ هذه كلها أسئلة، لابد للفاعل الحكومي و مسؤولي هذه البلاد من البحث لها عن أجوبة، و العمل على إيجاد الحلول الناجعة حتى لا نستفيق يوما على مغرب خالي، بدون شباب ..
دوافع هؤلاء الأطفال، معروفة، وكاذب من يدعي أنه يجهلها، وهو واقع الحال الذي أضحت عليه هذه البلاد في عهد حكومات “العام زين”، فقصص بطالة إخوانهم وجيرانهم من الشباب بعد سنوات من الدراسة، هي إحدى الدوافع التي كبرت في عقولهم، حتى تعمقت لديهم الرغبة في الهروب من الوطن قبل أن يلحقوا بهم في طوابير العطالة..فهم يشاهدون، معاناة الشباب الباحث عن الشغل، فلا الدبلومات أصبحت نافعة، ولا تعلم الحرف….يعاينون رحلات الهجرة غير الشرعية، و مآسي البحر الذي يلفظ مئات الجثث من أبناء هذا الوطن، دفعهم القهر والعطالة الى المغامرة بأرواحهم للعبور الى الضفة الأخرى على أمل إيجاد فرص أفضل لحياتهم ومستقبلهم.
ومثلما يعكس الحادث رغبة دفينة باتت تسكن الأطفال بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، فإنها تعكس كذلك إخفاق النظام التربوي في بلادنا في غرس مبادئ وقيم حب الوطن، وهذا يسائل جميع من يسهرون على تربية وتكوين الطفل في هذه البلاد.
قبل سنوات كنا نتحدث عن فرار شباب جرب البحث عن مستقبل داخل بلاده وفشل، ثم قرر الهروب بحثا عن مكان بديل، عله يجد فيه ما لم يجده في وطنه، واليوم اصبحنا نتحدث عن أطفال قاصرين، يحملون أفكارا تتجاوز أعمارهم، تتصل بالمستقبل والشغل وكرامة العيش، وما الى ذلك من المخاوف التي تسكن الكبار..افكار باتوا يحملونها، تمثل أقسى عوامل الطرد من الوطن، والخطير، أنهم بدون أوراق، ويجب أن نتصور ما تنطوي عليه المغامرة من خطر على حياتهم.
هذه الواقعة، يجب ان تكون مناسبة للتعاطي الجدي مع الأسئلة الحارقة التي تطرحها…ما العمل لئلا يتواصل الهروب الجماعي للشباب و حتى الاطفال من الوطن كما لو أن هذا الأخير اصبح سجنا؟..العالم اصبح ينظر الينا دولة مصدرة للمحبطين والعاطلين، كما لو أن هذا الوطن تحول الى منفى يبحث فيه الشباب عن منافي جديدة.