تحليل

ما العمل لحماية ناقلي الحقيقة؟

عبدالنبي مصلوحي

سلط  اغتيال الصحافية “شيرين أبو عاقلة” الضوء على العنف و المخاطر التي يتعرض اليها الصحافيون، وأعاد الى الواجهة كذلك، السؤال الكبير الذي نعيد طرحه كلما رزئت صاحبة الجلالة في أحد أبنائها أو بناتها، وهو من يضمن حريتهم ويحمي حياتهم، أثناء عملهم؟

إن الصحافي، ناقل للحقيقة، والحقيقة تقتضي أن يكون ناقلها  قادرا على أداء مهامه في أمان، لكن لسوء الحظ، الصحافيون يتعرضون في إسرائيل وغيرها من بؤر التوتر والنزاعات لمخاطر الموت دون أن يكون لذلك ما بعده من متابعات وملاحقات للجناة.

وتضاف الواقعة الأخيرة المتعلقة بمقتل  شيرين أبو عاقلة إلى سجل طويل من حوادث القتل والاعتداءات التي تطال الصحافيين، فمنذ بداية العام الجاري فقط، بلغ عدد الذين قضوا منهم اثناء تغطيتهم للأحداث، حسب احصائيات المعهد الدولي للصحافة 28، والعام الماضي قتل 45 صحافيا، بمناطق مختلفة من أماكن النزاع، وجميع القوانين والتدخلات الدولية والمنظماتية عاجزة الى حدود يوم الناس هذا عن التخفيف من الهجمات التي يتعرضون اليها.

و الأدهى، أن الوقائع تبين أن ما يتعرض اليه الصحافيون من اختطافات أو موت أو احتجاز خلال تغطيتهم للأحداث، في أي منطقة من مناطق العالم، مثلما حصل مع شيرين أبو عاقلة، يتم بدم بارد، وبضرب قوي لكل القوانين و المعايير الدولية، رغم ارتداء الاطقم الصحافية لسترات الصحافة التي تميزهم عن غيرهم أثناء التغطيات.

إن قتل الصحافيين والاعتداء عليهم، جرائم كبرى لا يجب السكوت عنها، فهي تسائل كل المنتظم الدولي، من أجل محاسبة المجرم وتجريمه،  وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية، فالقانون الدولي الذي يؤكد على توفير الحماية للصحافيين، ما الفائدة منه إذا لم يحاسب قاتل شيرين أبو عاقلة وغيرها من الصحافيين الذي قتلوا وعذبوا بسبب ما يقومون به من نقل للوقائع والأحداث بمناطق مختلفة في العالم؟

إن عمل الصحافي ليس كباقي الاعمال، وإنما هو عمل من نوع خاص، لكونه ينقل الحقيقة من قلب الحدث مباشرة، لذلك فهو محفوف بالخطر، ما يستوجب ان يكون الصحافي محميا بقوة، وأي أذى يتعرض اليه يعتبر انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول، فضلا عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد أي صحافي الذي هو شخص مدني يرقى أيضا إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فالصحافي كيفما كان الواقع، فهو يعمل باستقلالية عن الأطراف المسلحة ، وفقاً للبروتوكولين الإضافيين لاتفاقيات جنيف الصادرين في العام 1977، ولا يجوز استهدافه، وبالتالي يجب معاقبة الاحتلال الإسرائيلي على جريمة قتله للراحلة “شيرين أبو عاقلة”.

والطريق نحو معاقبة “المجرم” في حالة أبو عاقلة، تبدأ من تفعيل القوانين والاتفاقيات البالغة الأهمية في موضوع الاعتداء على الصحافيين، وتلمس مسالك الملاحقة القضائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية عبر تحريك مجلس الأمن الدولي نحو السهر على تفعيل المعاقبة القانونية للجاني حتى لا يفلت من العقاب ككل مرة، حيث  يقوم بفعلته ولا أحد يتحرك ضده، بما في ذلك القانون الدولي الذي وضع لحماية الصحافيين..فإلى متى يستمر هذا التواطؤ المكشوف والمبطن على سياسة التقتيل التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحافيين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
P