تحليل

دعم الحكومة لمهنيي النقل كمن يسكب  الماء على الرمال

عبدالنبي مصلوحي

كما توقع العديد من المتابعين والمحللين للشأن العام في بلادنا بشأن استراتيجية الحكومة في التعاطي مع ارتفاع أسعار المحروقات وتداعيات ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين، بفعل غلاء المواد الاستهلاكية و ارتفاع أسعار الخدمات، معظم المتابعين نبهوا الحكومة الى أن عملية الدعم الاستثائي المباشر لمهنيي النقل الطرقي  ستكون فعاليتها محدودة في امتصاص الارتجاجات التي يحدثها ارتفاع الأسعار بالأسواق الوطنية، ومع ذلك أصرت على خطتها، و دفعت لمهنيي النقل “الدفعة الأولى” ثم “الدفعة الثانية”، وقبيل الدفعة الثالثة التي تعتزم دفعها هذه الأيام، ها نحن نعاين خروج أصوات  من داخل التنظيمات المهنية لهؤلاء السائقين أنفسهم، تتساءل عن فعالية هذا الدعم في ظل الارتفاع المتواصل الذي تشهده أسعار الغازوال.

أحد المسؤولين بإحدى نقابات الطاكسيات بالمغرب قال إنه على الحكومة مراجعة المعطيات التي اعتمدتها لتحديد مبالغ الدعم، بسبب الارتفاع المتواصل الذي تعرفه أسعار الغازوال، مؤكدا أن هذا الامر وضع المهنيين  في موقف صعب..

وبالتمعن جيدا  في تصريح المسؤول النقابي، ندرك أن الرجل، على صواب في ما يقول، لأن  الليتر الواحد من “المازوط” كان سعره عندما وضعت الحكومة خطة دعمها الاستثنائي للقطاع في حدود 11 درهما، وعلى أساس هذا الثمن حددت قيمة الدعم، ولكنه اليوم وصل الى 15 درهما لليتر الواحد، ومرشح للارتفاع أكثر، وهذا جعل الأزمة تستعصي على الحل بالنسبة للمهنيين بهذا القطاع..نعم، وجدوا أنفسهم في أزمة، وخاصة إذا كان “المازوط” كما يقول ممثلوهم في التنظيمات النقابية والمهنية يستنفذ 80 في المائة من الكلفة الاجمالية للنقل..لهذا فأي استمرار للحكومة في تقديم هذا الدعم بهذا الشكل، واصرارها على أنه جزء من حلول التخفيف من أزمة الغلاء، فإنها كمن يسكب الماء على الرمال، وهذه بشهادة جميع المحللين والمتابعين الاقتصاديين في بلادنا.

إن الحكومة مطالبة، بابداع حلول تكون شاملة لجميع العناصر المتدخلة في موجة ارتفاع الأسعار التي تشهدها بلادنا في سياقات دولية معروفة، أما التركيز على تقديم دعم مباشر لقطاع النقل، على أساس أنه دينامو الاقتصاد، فهذا غير صحيح، لأن الدينامو الحقيقي هو “المحروقات” نفسها، وليس قطاع النقل، لهذا يجب الذهاب مباشرة الى “المحروقات” و التخفيض من ثمنها، حتى تستفيد كافة القطاعات، طاكسيات..شاحنات..حافلات..فلاحون ..المستثمرون في اليات الفلاحة ( حصاد..)، يعني جميع القطاعات التي تستعمل   “الغازوال”، و وقتها سيظهر التأثير الإيجابي للتدخل الحكومي، وستكون القدرة الشرائية للمواطن البسيط في مأمن من عواصف التقلبات القادمة من منطقة البحر الاسود وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
P