fbpx
حوارات

حوار/ د. سميرة مصلوحي: “الكاتب من بين الأشخاص الأكثر إحساسا بحجم المسؤولية” (ج2)

سميرة مصلوحي باحثة أكاديمية في اللسانيات وتحليل الخطاب، وأستاذة متخصصة في تعليم العربية للناطقين بغيرها بجامعة محمد الخامس.

الكاتبة العامة الوطنية لرابطة كاتبات المغرب، عضو المكتب التنفيذي لمركز اجيال21 للثقافة المواطنة، لها مجموعة من الاصدارات والمقالات.

كانت لها مع “ميديا نايا” هذه الدردشة..نتابع الجزء الثاني والأخير:

حاورها: عبدالنبي مصلوحي

ماهي التحديات التي تواجه الكاتب من الكتابة الى الطباعة ..؟

إن التحدي الكبير الذي يواجهه المبدع  هو حجم المعاناة التي يعانيها في طريق نشر أعماله، ولا يمكننا أن نتحدث عن نهضة ثقافية في ظل شروط لا تستجيب  لصناعة نشر محترمة  تنهض بالعملية الإبداعية  وتشجعها بمجموعة تشريعات منصفة للمبدع والمتلقي تضمن لكليهما حق الربح و الجودة والاستمتاع بمنتج إبداعي متقن،  فالاستثمار في  صناعة الإنسان من بين روافد الاقتصاد الرابحة التي يجب المراهنة عليها والحث عليها ودعمها.

هل كان لزمن كورونا تداعيات معينة على حياة الكاتب والمثقف عموما؟

على الرغم من حجم الخسائر التي تكبدها العالم أثناء الجائحة، إلا أنه يمكننا القول إنه في قلب هذه المحنة كانت هناك منحة ربانية أعادت الإنسان إلى رشده وأيقظته من غفلته وجعلته يعيد التفكير في ذاته وموقعه من العالم؛ ولعل الكاتب  أو المثقف عموما من بين الأشخاص الأكثر إحساسا بحجم المسؤولية التي  يحملها على عاتقه من أجل المساهمة في فعل التغيير عبر نشر قيم المحبة والتسامح والسلم والتعاون لضمان استمرار الحياة على كوكب الأرض المستنزف؛ وقد كانت كورونا  حافزا قويا للإبداع والإنتاج الفكري.

وفي هذا الصدد سأحكي لكم تجربتي في زمن كورونا  انطلاقا من  قولة استوقفتني في تصدير كتاب “تاريخ القراءة” لألبيرتو مانغويل، والتي استعارها من مقولة .شاعر لعشيقته …”اقرئي……….. لتحيي”، هذه المقولة جعلتني  أطرح سؤالا  ملحا : هل فعلا  القراءة تستطيع أن تمنحنا الحياة ؟ وهل  الفعل القرائي قادر على تحقيق المعجزة   فيمنحنا فرصة  ثانية لحياة أكثر أمنا وأمانا بعيدا عن الرعب والخوف الذي بات يحيط بنا  اليوم  من كل جانب.

إن تجربتي مع   القراءة  والكتابة في المعتزل  في زمن الحجر الصحي  لها طابع خاص  وأعتبرها  فرصة فريدة من نوعها ، فعلى الرغم من المتعة واللذة التي كنا نشعر بها ونحن نمارس  هذين الفعلين  سابقا ،  إلا أن   الظرفية الخاصة   التي نمر بها اليوم والعوامل التي تؤثثها  جعلت من  هذه المحنة  بالنسبة لي منحة  ربانية ، وحوّلت الأزمة إلى منفعة ومكسب ثقافي   لا نظير له؛  فالشعور بالملل  والضيق  والحزن نتيجة فراق الأحباب  والتباعد الاجتماعي  ، كلها  أمور جعلتني   أعيد النظر  في كثير من الأشياء  وأطرح العديد من التساؤلات من بينها:  من أنا؟؟ و ما موقعي في هذا العالم؟؟

هذه الأسئلة، وهذا البحث عن الذات ، دفعني للتفكير في إعادة ترتيب الأولويات  وتحديد  هدفي من الحياة؛ الشيء الذي جعلني أواجه مخاوفي  بالنظر في  مرآة العالم التي تعكسها  عوالم مختلفة جاد بها محرابي  من شرفة مكتبتي. ….فكنت أتنقل  بالساعات والأيام   بين الكتب كنحلة عطشى لرحيق  عساني أجد فيها ترياقا  يعيد لي بسمة الحياة  التي غادرتني  ويطرد  رتابة الوقت والقتامة التي عمتني .لكن سرعان ما وجدتها تحتضنني  بحب   وتفتح لي ذراعيها  لتضمني  بعناق كبير  جعلني أشعر بسعادة طرت  بها فرحا   وحلقت عاليا في فضاء أكثر رحابة  كله  جنة خضراء تفتحت أزهارها  وعيا  ونضجا وإيمانا وحبا  ففاح عطرها في سمائي .  إن سفري  في تجارب الكتابة وحلولي في عوالمها، منحني فرصة لرسم خريطة طريقي ، ووضع قدمي على درب تلمس الخطو المبارك لصياغة سؤالي الخاص والتعبير عن ذاتي.  فكلما قرأت كتابا  شعرت به يطوقني ويغريني بالإبحار في سفينته أكثر وأكثر ، وكلما أبحرت  يجود علي  بمفتاح سحري للدخول إلى  عالم المعرفة واكتشاف أسرار الكون ، و اكتشاف سر نفسي  لأكون ما أريد أن أكون ……..

ومن ثم بدأت  حكاية ولادتي ، حياة جديدة  ….أشرقت شمسها   في حضن  كتاب  جاد به محرابي في زمن عزلتي .

هل الكتابة تؤدي رسالتها على النحو الذي يريده الكاتب دائما؟

عندما نمارس فعل الكتابة نشعر بلذتها، نبتهج بما نفعل نتنفس الصعداء، نكتب قضيتنا ورسالتنا التي نعيش من آجلها، نكتب لنفهم لنستوعب، نكتب لإيجاد الحل، نكتب من أجل أن نحيا، من أجل أن نعيش بحب، من أجل السلم والسلام، من أجل.. من أجل الوطن، والوطن للجميع … نكتب لنتحرر من عبوديتنا ، نكتب بؤسنا وقهرنا ونتمرد على أنفسنا بصدقنا ,,, نكتب لننتصر للحق وللفضيلة ,,,,فالكتابة رسالة  وهم إنساني يحمله الكاتب على عاتقه، فإن أخلص في تحري صدق الكلمات   كان  رسولا للخير ينشر عبير عطرها في أرجاء  البياضات.

 ايهما اقرب اليك بالنسبة للقراءة الكتاب الالكتروني أم الكتاب التقليدي ؟

بالنسبة لي أنا أفضل  التعامل مع الكتاب الورقي لأنه  يشعرني  بنوع  من  الدفء والألفة، فتتكون بيني وبين صفحاته وكلماته  علاقة عاطفية محسوسة  يسودها الأخذ والرد والتسطير وكتابة الهوامش ووضع علامات الانتباه، الشيء الذي نفتقده في الكتاب الإلكتروني الذي أجده  أكثر جمودا وبرودة ؛  لكن هذا لا يمنعنا من الاعتراف بأهمية الكتاب الإلكتروني وسهولة حمله وتخزينه وتوفيره  الجهد والوقت في البحث عبر المحرك الآلي  إلى جانب إمكانية ضبط الخط، إضافة إلى انخفاض تكلفته  وسهولة الحصول عليه بسرعة فائقة,

وسواء أردنا أم أبينا فالجيل  القادم الجديد  جيل تربع على عرش التكنولوجيا والمعلوميات، لذلك فإن سلطة الرقمي باتت تفرض نفسها بلا منازع، والدور المنوط بنا نحن ككتاب أن نقوم بتحبيب الكتاب وتقريبه من القارئ عبر جلسات قرائية حميمية تعيد البسمة للوجوه وتعيد  الدفء للتحلق حول الكتاب المحسوس. أنتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى