حكومة دون برنامج وإنما بوعود سياسية
عبدالنبي مصلوحي
وجدت حكومتنا في كورونا وفي الظروف الدولية المعروفة ذريعة للتملص مما تسميه برنامجا حكوميا، والحال ان الوعود التي قدمتها أحزابها الثلاثة تمت خلال كورونا، وبالنسبة للظروف الدولية، التي تحركها حرب البحر الاسود، فدور الفاعل الحكومي كسياسي، هو ابتكار الحلول والتنقيب عن المخارج لتمكين شعبه من تجاوز آثارها وآثار جميع الأزمات التي يمكن أن تحل بالبلاد، سيما إذا كانت اقتصادية، وإلا فإن أي مواطن يمكن أن يكون وزيرا أو رئيس حكومة..
إن مشكلة الحكومة الحالية في بلادنا، التي يعجبها أن تطلق على نفسها حكومة الكفاءات، هي أن أحزابها قدمت وعودا سياسية كبيرة خلال حملتها الانتخابية، واليوم تجد نفسها محاصرة بالشح المالي، لأنها عندما جمعت بعضها في ما يسمى برنامجا حكوميا لم تضع الآليات التمويلية في الحسبان، و مرد هذا الى الإعداد غير الجيد لهذا البرنامج.
فهي لم تقدم تشخيصا دقيقا للمشاكل التي تعرفها البلاد، من بطالة وفقر ومشاكل في المدرسة العمومية والصحة، وغير ذلك، وكان طبيعيا ألا تكون الحلول “ناجعة” للاعطاب الموجودة، لأن دور الحكومة، يشبه دور الطبيب، إذا أخطأ في التشخيص، فحتما سيخطئ أيضا في وصف الدواء، وبالتالي ظهر أنها لا تمتلك برنامجا، وإنما رزمانة من الوعود السياسية الكبيرة التي لا يمكن أن تتحقق، حتى ولو لم تكن الظروف التي تتحجج بها.
الحكومة، إذن لا بوصلة لها، وحتى قانون ماليتها الذي تم إعداده العام الماضي، كله مبني على فرضيات خاطئة، وعوض تعديله وتصحيح تلك الفرضيات، تريد الحفاظ عليه، واللجوء الى تدبير الأزمة عبر مسالك أخرى.
إذن، كل الوعود الكبرى التي قدمتها الأحزاب الثلاثة تحولت إلى سراب، وهي ماضية في ذر الرماد في العيون باختيار مسالك عشوائية للتعاطي مع أزمة الغلاء، متذرعة بكورونا تارة، وتارة أخرى بحرب روسيا، وتارة أخرى بقرارات الحكومة السابقة، وكلها حجج ضعيفة و واهية.
و هذا تؤكده حصيلتها المرحلية، التي سجل المتابعون أنها هزيلة. صحيح تم إصدار بعض المراسيم الإيجابية، من قبيل المراسيم المتصلة بالتغطية الاجتماعية، وإطلاق الحوار الاجتماعي في قطاع التعليم، وخطة دعم القطاع السياحي، ولكن بالنظر الى التحديات الكبرى يبقى هذا العمل مجرد نقطة في بحر ما نعاينه من مشاكل واحتقانات بسبب سوء التعامل مع الأزمة الحالية على وجه الخصوص، المتعلقة بارتفاع الأسعار بشكل فاق القدرة الشرائية لملايين المواطنين المغاربة من ذوي الدخل المحدود، علما أن هناك من لا دخل له أصلا، يعيش مع ذويه على سبيل التضامن.
إنها وعود كثيرة، تم اطلاقها خلال الحملة الانتخابية، تصطدم اليوم بصخرة الواقع، فباتت في واد و الحكومة في واد، ومطالب الشعب المستعجلة في واد، و فوق كل هذه الاودية ضباب كثيف، يعتقد أنه سحاب يحمل معه أمطار الخير، ولكنه مجرد ضباب ..يحجب الرؤية، ولا يحمل امطارا.