تحليل

حرب البحر الأسود تقلب حسابات المكسب والخسارة

عبدالنبي مصلوحي

العالم مقبل على أسوء أزمة اقتصادية، ربما منذ الحرب العالمية الثانية، ستجوع شعوب، وستتأزم دول، وستحرج أنظمة أمام شعوبها..إذا لم تتوقف حرب البحر الأسود في أقرب وقت. هكذا يتفق خبراء الاقتصاد، وهكذا يقرؤون الآتي.

بضعة أشهر من الحرب بين روسيا و أوكرانيا كانت كافية لظهور أعطاب الاقتصاد العالمي وترهلات اقتصاديات الكثير من الدول التي كانت تعتقد أنها في منأى عن أزمات “الجوع”، وأن اقتصادها يتمتع بالحصانة الذاتية من الاهتزازات الدولية، لتتأكد بعد أسابيع من حصار الموانىء الأوكرانية التي تبعث بالحبوب والقمح والمواد الأولية و الكثير من المواد الغذائية الضرورية من قبيل الزيوت، أن أركان اقتصادها أوهن من بيت العنكبوت، ومنها كل الدول العربية، بما فيها المغرب، الذي ظل يسوق عن نفسه، أنه مبتكر لمشاريع فلاحية عملاقة، من قبيل المخطط الأخضر، وأنه قادر على تأمين الغذاء للشعب في أحلك الازمات العالمية..فقد تأكد هو الأخر، أن مشاريعه هاته “اوهن من بيت العنكبوت” عندما اصبح المواطن يقتني “عبرة ” القمح بـ140 درهما، و “طارو” الزيت ما بين 130 درهما و 150 درهما، والدجاج الرومي بـ22 درهما للكيلوغرام الواحد…والمحروقات التي أحرقت الأخضر واليابس مما يوجد بجيب المواطن تخطت كل الحواجز المتوقعة..

ربما لأول مرة، على الأقل في التاريخ الحديث، تمتد تداعيات “حرب” بعيدة  بين دولتين، الى عموم الكرة الأرضية، وتهدد بمجاعات غير مسبوقة، وتغير الكثير من القراءات والتفسيرات مما اعتدناه في حسابات المكسب والخسارة في الحروب والأزمات الدولية.

ففي وقت وجيز، تأكد العالم أن هذه الحرب ستتحول الى أزمة دولية، خسائرها لن تكون محصورة بين طرفيها، و إنما ستمتد الى أطراف أخرى عديدة لا علاقة لها بها لا من بعيد ولا من قريب، وستؤدي ثمنا باهظا ربما أكثر مما يؤديه طرفاها.

غير أنه إذا كانت من حسنات لهذه الازمة، فإنها ستفضح الدول التي تسوق داخل شعوبها الوهم والشعارات حول اقتصادات قوية، وهي في حقيقة الأمر مجرد اقتصادات ضعيفة، إذا عطس اقتصاد الصين أو أمريكا تصاب هي بالزكام الحاد..

هذه الدول، ستجد أمام هجوم آثار الحرب على أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية صعوبة في تبرير ذلك لشعوبها..وهي الدول التي ظل بعضها يسوق أنه أنشأ نماذج اقتصادية قوية تضمن الأمن الغذائي ..وتضمن الانفلات من التبعية للخارج، ليتبين في النهاية أنها مجرد “أوهام” يتم تسويقها للاستهلاك الداخلي، سرعان ما تعرت في أول زلزال عالمي للاقتصاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
P