الناقد مولاي إبراهيم…ظهور القصة القصيرة أذكى تنازع السلطة الأدبية بين الشعر والسرد في بلاد شنقيط
يرى محمد الأمين مولاي إبراهيم، أستاذ النقد وتحليل الخطاب ومدير مدرسة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط، أن ظهور القصة القصيرة أذكى تنازع السلطة الأدبية بين الشعر والسرد في بلاد شنقيط.
وأوضح الناقد الموريتاني في محاضرة تحت عنوان “القص القصير، سؤال التجنيس وسردية الخطاب” ألقاها مؤخرا في نواكشوط بدعوة من بيت الشعر الموريتاني، أن ظهور القصة القصيرة في التجربة الموريتانية طرح قضايا أدبية تتصل بتحول في أدبية الأدب الموريتاني؛ من أدبية الشعر إلى أدبية القص، وأيضا بما نتج عن هذا التحول من تغير في ميزان سلطة شعرية القول الأدبي وإذكاء لتنازع السلطة الأدبية بين الشعر والسرد.
وعرج المحاضر ضمن ندوة نظمها بيت الشعر حول سؤال تجنيس القصة القصيرة أو الأقصوصة وتبعاته على ميزان سلطة شعرية القول الأدبي عموما، ليؤكد أن القصة القصيرة، كجنس أدبي، ظهر بموريتانيا منذ نهاية القرن الرابع الهجري على شكل رسائل وخطب تمثل كتابات سردية شنقيطية، يمكن تصنيفها في إطار جنس القصة القصيرة حسب الناقد.
وأضاف أنه ابتداء من ستينيات القرن الماضي سيظهر نوعان من القصص القصيرة، ساير أولهما “النسق الأدبي العربي العام الذي هيمن عليه السرد التراثي” قبل أن يفقد هذا النسق سلطته تدريجيا نهاية السبعينيات لا سيما الشكل السردي التراثي المتعلق بالكتابات الفقهية، ليبرز الشكل الأدبي (القصة القصيرة أو الأقصوصة) الناتج عن سلطة بلاغة النثرية الحديثة وتطور مفاهيم أخرى كالجمالية والتلقي.
وستشهد السبعينيات من القرن الماضي أيضا ، حسب الاستاذ الجامعي ، كتابات تأسيسية عن بنية التعاطي مع السرد بمختلف أشكاله في موريتانيا ، إلى جانب الشعر الذي عرف به الفضاء الشنقيطي، وهو المنحى الذي سيتعزز في الثمانينيات بعد أن استفاد مبدعو السرد من تراكمات ومن مداخل التطور، مستشهدا بنصوص من قبيل روايتي “أولاد أم هانئ” و” من كرامات الشيخ” للكاتب محمد بن تتا، واللتين تعتمدان على الأسلوب التراثي في النثر الفني.
واعتبر الناقد أن سردية القص القصير ببلاد شنقيط مرت على الأقل بثلاثة أجيال أنتج كل جيل منها نصوصا مختلفة، لكنها تلتقي كلها في تطويع اللغة العربية وانصهارها ضمن السردية العربية حيث أن الفضاء الصحراوي خلق بموريتانيا نصوصا وسردا غلب عليه تجسيد الصحراء واستحضار الذاكرة التاريخية لهذا الفضاء ليغيب مفهوم رواية المدينة بالمفهوم العام للتفسير السوسيولوجي للمدينة.
وكان الناقد الموريتاني جازما في أنه “لا الرواية الموريتانية في متخيلها فيها حضور للمدينة، ولا المدينة بمفهومها السوسيولوجي، من بداية الثمانينيات إلى منتصف التسعينيات، هي مدينة بهذا المعنى”.
يذكر أن بيت الشعر بنواكشوط ينظم سلسلة لقاءات تحت عنوان “مقاربات نقدية” لمواكبة الإبداعات الروائية والقصصية والقضايا التي تعتمل في الساحة الأدبية بموريتانيا.