تحليل

خروج اسبانيا من المنطقة الرمادية يربك خصوم الوحدة الترابية للمغرب

عبدالنبي مصلوحي

يبدو أنه بعد إعلان اسبانيا خروجها من المنطقة الرمادية بخصوص موضوع النزاع المفتعل المتعلق بالصحراء المغربية، استشاط أعداء الوحدة الترابية للمملكة غضبا، وبدا عليهم الارتباك خشية تعميق عزلتهم ونسيانهم الذي بات وشيكا، خاصة بعدما انضاف الموقف الاسباني الأكثر وضوحا وشفافية الى موقف الولايات المتحدة الامريكية.

أول المعلقين على تطور الموقف الاسباني الذي يعترف بسيادة المغرب على صحرائه، المدعو عبدالله عرابي، الذي يشغل ما يسمى بـ”مندوب البوليساريو باسبانيا”، قال في خرجته التي لم يحسبها جيدا إن رئيس الحكومة الاسبانية “استسلم للضغط والابتزاز المغربي”، وتبعه رئيسه في المخيمات يصف فيه الموقف الاسباني، بـ”الانحراف” الذي جاء في سياق أكثر خطورة يمر به النزاع في الصحراء بعد اندلاع الحرب نوفمبر 2020″، ولا أحد يعلم عن أي حرب يتكلم، إذا كان يعني الصحراء المغربية، فالعالم بأسره يعلم أنه لا وجود لأي حرب هناك، اللهم إذا كان يقصد الحرب الوهمية التي تنقلها بعض المواقع الالكترونية التي صنعها خصيصا لتسويق “الكذب”، كل ما في الامر، أن عصابة تابعة له عمدت الى خلق بعض الفوضى في وقت سابق بمعبر الكركرات فتكلفت بها القوات المسلحة وطردتها من المكان، هذا كل ما كان..أما قضية الحرب، فلا أحد يعلم بها، بما فيها اسبانيا التي يوجه لها الكلام.

و بدوره، اتهم بيان البوليساريو اسبانيا القوة الاستعمارية السابقة للصحراء المغربية بالخضوع للابتزاز المغربي، بينما الحقيقة، أن اسبانيا فطنت الى أن تموقعها الصحيح هو الى جانب سيادة المغرب على صحرائه، خاصة وأن ورقة البوليساريو احترقت بالكامل، و فطنت كذلك الى أن هذا الكيان الذي صنعته الجزائر لأهداف معروفة، أصبح يشكل خطرا على المنطقة، وما الاعتراف الأمريكي بحق المغرب، إلا دليل على أن هذه البوليساريو يجب أن تختفي، مع اجتثاث أعشاشها من الصحراء الجزائرية، لأنها تمثل مآوي للإرهابيين والمرتزقة الذين يضعون انفسهم رهن إشارة عصابات التهريب والإرهاب في الصحراء الكبرى.

اسبانيا لم تخضع للمغرب ولا أي شيء من هذا القبيل، كما يحاول خصوم الوحدة الترابية للمغرب أن يسوقوا، وإنما خضعت لمنطق التاريخ والواقع الإقليمي والدولي، وموقفها هذا، كان يجب ان يخرج للعلن منذ وقت طويل لولا “أوراق السياسة”، أضف الى ذلك، المغرب دولة لها مكانتها بالنسبة للمجتمع الدولي، والعالم اليوم في حالة توحد من أجل الاحداث الجارية بأوكرانيا والتي تنذر بحرب كونية إذا لم تتدخل الالطاف الإلهية وتخمد نيرانها، واسبانيا محتاجة الى جيرانها من الدول القوية باقتصادها وتاريخها، وليس الى عصابات مختبئة في صحراء الجزائر وجدت في تسول المساعدات الدولية دجاجة تبيض ذهبا.

لقد آن وقت الجد، واسبانيا لا تبني مواقفها من “الخواء”، فالعالم يتحلحل نحو توازنات جديدة،  والدول “الشاطرة” تُشبّك للمرحلة عبر بناء التحالفات الإقليمية مع الدول الفاعلة و المؤثرة، والمغرب الجسر القاري بين افريقيا وأوروبا،  واحد من هذه العينة من الدول التي يهم اسبانيا كثيرا أن يكون الى جانبها، خاصة في الظروف الراهنة التي لا أحد بمقدروه التنبؤ بمآل العالم في ظل الحرب بين روسيا القوة النووية وأوكرانيا التي يتحالف معها الغرب برمته.

أما ساكن قصر المرادية، الذي يعيش في عزلة منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، فإن هذه العزلة، ستزداد بعد سقوط “جدار” اسبانيا الذي كان يختبئ خلفه، وستتعمق تخوفاته، وكلما ازداد عزلة ازداد المغرب قوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
P