حوارات

حصري.. محمد ضريف: الأحزاب المغربية لا تمارس السلطة وإنما وظيفتها الأساسية هي المشاركة في الحكومة

 

محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية ورئيس حزب الديموقراطيين الجدد، نتناول معه في هذه الدردشة في جزئها الأول، موضوع المشهد السياسي، والصراع بين مكوناته، و آثار هذا الصراع على الواقع السياسي في البلاد.. نتابع:

حاورته: ميديا نايا

ما هي قراءتكم للمشهد السياسي بالمغرب؟

هو مشهد قد يبدو مرتبكا أحيانا، ولكن علينا ان نميز ونحن نتحدث عن المشهد السياسي بين مكوناته، لأنه عادة ما يختزل المشهد السياسي في الأحزاب السياسية..ولكن المشهد السياسي يوجد داخله أربعة فاعلين سياسيين، وهم أولا الأحزاب السياسية، ثانيا المركزيات النقابية، ثالثا جمعيات المجتمع المدني، ثم رابعا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي..هذه الأطراف كلها تمارس السياسة، في حين عندما نتحدث عن المشهد السياسي نركز عن الأحزاب، ما يلاحظ أن هناك طرفان داخل هذا المشهد السياسي يهاجمان المركزيات النقابية والأحزاب السياسية، وأنا اتحدث هنا عن جمعيات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، فعندما نتتبع خطاب جمعيات المجتمع المدني نلاحظ أنها تنتقد النقابات والأحزاب السياسية، بل أحيانا تطرح نفسها بديلا لهذه الأحزاب والمركزيات النقابية، نفس الشيء بالنسبة لوسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي، فهي كذلك دائما تنتقد الأحزاب، وكأن هذه الأحزاب هي المسؤولة، أو هي المكون الوحيد..و نحن في علم السياسة حينما نتحدث عن المشهد السياسي نتحدث عن الفاعلين، والأحزاب هي فاعل ضمن فاعلين آخرين، لذلك نجد أن هذا المشهد السياسي مكوناته تتصارع في ما بينها، في محاولات لنزع المشروعية والمصداقية عن بعضها البعض…إذن عندما نتحدث عن المشهد السياسي لا نتحدث إلا عن الأحزاب في حين ان المشهد السياسي له مكوناته، وعندما يكون تفاعل بين هذه المكونات الأربعة، يمكن أن تستقيم الأمور، ولكن نلاحظ أن هذه المكونات تعيش مرحلة صراع، وكل مكون يحاول أن ينزع المشروعية عن المكون الآخر..وكما قلت في البداية، هو مشهد مرتبك لا يقدم صورة حقيقية عما يعيشه المغرب.

هل الأحزاب السياسية التي تشكل الحكومة قادرة على تطبيق برامجها  الانتخابية؟

الموضوع مرتبط بقضيتين أساسيتين، احداهما تتعلق بطبيعة الانتخابات في المغرب..الآن يقال ان الانتخابات اسفرت عن تصدر ثلاثة أحزاب للنتائج، وهنا نتحدث عن ثابت رابع، أضيف الى الثوابت المعروفة، ويتعلق الأمر بالخيار الديموقراطي..ما معنى الخيار الديموقارطي؟ هو ان يتمكن الشعب من اختيار من يمثله بالمؤسسات المنتخبة، وبإمكان الأحزاب المتصدرة ان تشكل حكومة ائتلافية، لأن تشكيل حكومة منسجمة في المغرب أمر غير ممكن، لأنه لا قدرة لأي حزب للحصول عن الأغلبية المطلقة..الآن الحكومة الحالية مشكلة من ثلاثة أحزاب، وهي التجمع الوطني للاحرار والاصالة والمعاصرة والاستقلال..ولكن الخيار الديموقراطي يقتضي انتخابات تنافسية، لأنه إذا لم تكن انتخابات تنافسية فما الفائدة؟

هل هذا يعني أنه لم تكن لدينا انتخابات تنافسية؟

نعم، لم تكن هناك انتخابات تنافسية، لأن التنافسية تقتضي أن تُمنح جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات نفس الإمكانيات ونفس الفرص، أما أن يأتي حزب أو حزبان ويستعملان الأموال لشراء الأصوات، ويستغلان قربهما من السلطة لفرض وجودهما، فينبغي طرح سؤال كبير، لأن الخيار الديموقراطي يعني أن الشعب بكامل حريته له الحق في اختيار من يمثله بالمؤسسات المنتخبة، ويعني كذلك أن السلطات مطالبة بالحرص على تطبيق القوانين تطبيقا جيدا، لأننا في هذا المرحلة لا نتحدث عما كانت عليه الأمور في السابق..عن الحياد السلبي للإدارة، في المرحلة الراهنة السلطة مطالبة بعدم غض الطرف عن الممارسات المخلة، وأعطي مثالا: عندما يأتي حزب ويستعمل أموالا خيالية في إطار جمعية خيرية..هذا ممنوع، يمنعه القانون..ثم ما معنى أن يُسمح لحزب بالقيام بحملة انتخابية سابقة لأوانها، لذلك فنحن نعتقد أن الخيار الديموقراطي الذي ينص عليه الدستور ينبغي ان يحترم وأن تنزل مضامينه تنزيلا سليما، والمدخل الأساسي لهذا الخيار الديموقراطي هو ان تكون هناك انتخابات تنافسية.

وعودة الى السؤال..هل هذه الأحزاب الحكومية  قادرة على تطبيق برامجها الانتخابية..أولا، وهذا شيء كتبته في تسعينيات القرن الماضي بأحد مؤلفاتي..قلت إن الأحزاب المغربية لا تمارس السلطة، وإنما وظيفتها الأساسية هي المشاركة في الحكومة، ثانيا، الأحزاب السياسية في المغرب لا تتوفر على برامج، وإنما لديها وعود سياسية تقدمها خلال الحملة الانتخابية، لان البرنامج السياسي، إذا ذهبنا مثلا الى فرنسا أو الى الولايات المتحدة الامركية نجد جانبين في البرنامج، الجانب الأول يتضمن تشخيصا دقيقا للمشاكل والأزمات، والعملية تشبه تشخيص الطبيب، إذا أخطأ فإنه يمنح المريض دواء خاطئا، الشق الثاني، يتضمن الحلول، والأساسي في البرنامج، يكون هو آليات تمويل الوعود، يعني تحديد الميزانيات والموارد المالية التي تساعد على تنزيل ذلك البرنامج، وعندما تغيب هذه الآليات يفقد البرنامج صفته، ويتحول الى ما يسمى بالوعود السياسية، وهذا هو الحاصل الآن، ما قدمه حزب الاصالة والمعاصرة أو الاحرار أو الاستقلال هي مجرد وعود سياسية لا يمكن أن تتحقق..هناك من سيقول هناك كرونا وهناك كذا وكذا، ولكن هذه الحكومة قدمت وعودها خلال كورونا..أو يقولون أن هناك اكراهات دولية فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن السياسي عندما يضع خطته، يجب أن يستحضر جميع الاحتمالات ويضع لها خططا ..خطة ألف..خطة باء..أما أن يختبىء وراء الظروف، فاعتقد أن كل مغربي بإمكانه أن يفعل الشيء نفسه…اليوم لدينا حكومة قدمت الكثير من الوعود، وهي الآن عاجزة عن تفعيل ذلك، لأنها تفتقر الى آليات التمويل، وكل الفرضيات التي تضمنها قانون مالية 2022 الذي صودق عليه خلال 2021، كلها فرضيات خاطئة والكل يدرك هذا…يتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
P