حروب الجيل الخامس
رزق المدني
ترتبط بداية الجيل الخامس من الحروب بتراجع احتكار الدولة لاستخدام القوة المسلحة، وظهور عوامل فواعل مسلحة من غير الدولة قادرة على شن الحرب، مثل التنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة، وتعتمد تلك الجماعات على القيادة الكاريزمية أكثر من اعتمادها على العوامل المؤسسية، فضلا عن اعتمادها على الولايات الأيديولوجية العابرة للحدود القومية في بعض الأحيان، حيث لم تصبح الدولة فقط هي صاحبه قرار الحرب، بل أضحت جماعات محدودة العدد من الأفراد المتشابهين فكريا، قادرة على اتخاذ قرار خوض الحرب.
صعود الولاءات البديلة
أدت العولمة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إلى اتجاه بعض الأفراد لنقل ولائهم من الدولة إلى الولاء لقضايا معينة، وصار العديد منهم أكثر ارتباطًا بما تتم إثارته على شبكة الإنترنت، على حساب الاهتمام بالمشكلات الحقيقية لمجتمعاتهم.
قيادة حروب الجيل الخامس
هل تتذكرون المقولة الشهيرة لجورج بوش “الابن” حين كان يجهز لغزو العراق عام 2002 “من ليس معنا فهو ضدنا” !!.
بنفس الأسلوب تدير الولايات المتحدة “بايدن” وأوروبا المعركة الدائرة بين روسيا واوكرانيا إعلامياً، حتى أصبح الخبر أو المعلومة الحقيقية غائبة في سوق المال والقرار الغربي، نتيجة سيطرة الولايات المتحدة على سائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتحكمها في نقل وقائع الغزو الروسي لأوكرانيا يمثل سلاحاً في يدها توجهه لعقول من تشاء، بتخطيط محكم ومدروس لعدة اسباب، وهي:
1 _ السيطرة المطلقة في اتجاه وانسياب وتوجيه الخبر سواء كان حقيقياً أو مضللاً.
2 _ توجيه الرأي العام العالمي باتجاه نقطة أو زاوية ما بهدف بناء رأي عام “داخلي أو خارجي” أو كسب تعاطف .
3 _ زيادة استمرار سيادة وسيطرة النفوذ الغربي “الأمريكي”
4 _ استمرار السيطرة على الطرف الآخر مهما كانت وجهة نظره او اهدافه أو مصداقيته
5 _ إجبار الشعوب على جرعات ثقافية وإخبارية تسوق لمنتجاتهم وأفكارهم.
6 _ سهولة توجيه وتسيس القطيع مهما كانت أعداده
و أكبر دليل على ما ذكرت، غلق كل منافذ الإعلام الروسي، كي لا يؤثر على الرواية الغربية، يحدث ذلك رغم أن الاتفاقيات الدولية تنص على ضرورة ضمان تدفق المعلومات وحق الشعوب في المعرفة حتى في حالة الحرب، وبالتالي تعمدت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة غلق كل منافذ الطرف الآخر.
من المفارقات التي أظهرت مدى تعامل الغرب مع وسائل الإعلام وحرية التعبير أنهم ينددون باي نظام سياسي يقوم بقطع الإنترنت و إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي في حالة قيام اي ثورة أو مظاهرة ضده في الوقت الذي اوقفوا عمل كل وسائل التواصل و حجبوا المواقع الإخبارية الإلكترونية التابعة للدولة الروسية العامة منها والخاصة.
ألا يعد ذلك إرهاباً وسلاحاً جديداً!. لقد أصبح العالم يعيش تحت سطوة صاحب التأثير الأقوى المتحكم في إدارة وسائل الاتصال والإعلام.